۱۰ فروردین ۱۴۰۳ |۱۹ رمضان ۱۴۴۵ | Mar 29, 2024
الديكتاتور

وكالة الحوزة / الثورة البيضاء او ثورة الشاه و الشعب هي عبارة عن سلسلة من الإصلاحات التي قد تبدو للوهلة الأولى أنّها حلول ناجعة للأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية.

وكالة أنباء الحوزة / قبسات من فجر النور هي سلسلة تتحدث عن  صفحات من تاريخ الثورة الإسلامية في إيران، وبذلك تريد أن تساهم في إثراء المكتبة العربية بهذه الحقبة التاريخية الهامة والمؤثرة في تاريخ الإسلام و المسلمين المعاصر.

الثورة البيضاء او كما كان يصفها أتباع الشاه بـ(ثورة الشاه و الشعب) كانت عبارة عن سلسلة من الإصلاحات القانونية التي قد تبدو للبعض عند النظر إليها للوهلة الأولى أنّها حلول ناجعة للأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية المتردية في البلاد و لكن تلك النظرة السطحية تتجاهل عمق الفساد المؤسسي الذي كان ينخر في عظام مرافق الدولة و الذي كان يتمثل في الفساد العميق في الشخصيات الإدارية التي تدير الهيكل الكامل للدولة بحيث أنّ أيّة إصلاحات قانونية تعتبر نوع من أنواع المزاح السمج لمن يستوعب أبعاد مصطلح الدولة العميقة فأيّة إصلاحات قانونية كان من السهل الإلتفاف عليها من قبل محترفي صناعة الفساد و إعادة تدويره بحيث أنّ الأمر كان قد انتقل من مرض الفساد الإداري إلى تقنية إدارة الفساد .

images

هذه هي النقطة الأولى التي كان يعيها الإمام الخميني جيّداً من خلال فهمه السياسي العميق الذي رأى من خلاله ماوراء الكواليس و من خلال اندماجه مع شرائح الشعب المختلفة و حضوره العاطفي مع آلامهم و مشاعرهم اليومية التي يشعر بها رجل الشارع العادي من جراء ثقل وطأة فساد النظام و قضاءه على أيّ أمل ممكن في النظر لغد مشرق. حيث أنّ الاندماج بين الناس و التفاعل مع حياتهم اليومية و الشعور بآلامهم و آمالهم هو نتيجة طبيعية لمكانة المرجعية الدنية ذات الإستقلال الكامل عن المؤسسة الحاكمة.
و النقطة الثانية التي جعلت الإمام الخميني يفهم جيدا هدف التلاعب الشكلي بإصدار مثل تلك القوانين هي التبعية و الإنبطاحية الكاملة من حكومة الشاه للغرب الصهيوإمريكي حيث كان الجميع يعرف آنذاك الدور الذي كان يمثله نظام الشاهنشاهي كشرطي أمريكا في المنطقة و كانت سياسته الخارجية المتماهية مع سياسة الإمريكية الصهيونية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار حيث كانت إيران تعج بكم هائل من المستشارين الغربيين الذين كانوا يعطون إملاءات مباشرة في كل مجالات إدارة الدولة بما يتوافق مع سياساتهم.
و قد كان هدف هذه الإصلاحات القانونية الشكلية التي تم صياغتها باحتراف في غرف الاستخبارات الإمريكية المغلقة هي محاولة إعطاء قبلة الحياة لجسد يحتضر أو تجميل وجهٍ قبيح شاخ من الفساد و التبيعية و لكن هل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟
و قد نُشرت فيما بعد وثائق تم استخراجها من السفارة الإمريكية تفيد تورط النظام حتى النخاع في العمالة و الخضوع و الإنبطاح للغرب حتى أنهم كانوا يتحكمون بصورة مباشرة عن طريق الأوامر و الإملاءات لاعن طريق التوجيهات و الإستشارات في كل مفاصل الدولة بدءاً من الشاه و نهاية بأصغر موظف في الهيكل الإداري للدولة بصورة تسلسلية و قد تم تأييد هذه الوثائق بالاعترافات اللاحقة لإركان النظام بعد قيام الثورة تفصيلياً بتورطهم سواء في الفساد الداخلي أو في العمالة الخارجية و تلك التي قد أدلوا بها لاحقاً في مذكراتهم بعد هروبهم خارج إيران.

هذا المشروع القانوني كان يشتمل في البداية على 6 مواد و من ثم أضاف إليها الشاه 13 مادة أخرى و هي كالتالي:

45_7



الإصلاحات الزراعية و إلغاء نظام المالك و الرعية
تأميم الغابات و المراعي في كلّ أراضي البلد
بيع أسهم المصانع الحكومية كرافد للاصلاحات الزراعية
إعطاء نسبة من مصالح المصانع الإنتاجية و الصناعية للعمال
إصلاح قانون الإنتخابات بهدف إعطاء حق التصويت للمرأة
تكوين جيش العلم بهدف تفعيل النظام التعليم العام و الإجباري
تكوين جيش الصحة
تكوين جيش العمران
بيوت الإنصاف في القرى
تأميم جميع مصادر المياه المعدنية في البلد
إعادة عمران المدن و القرى
الثورة الإدارية و التعليمية
إيجاد إمكانية بيع أسهم الوحدات الصناعية الكبرى للعمال
محاربة التضخم و الغلاء
التعليم المجاني و الإجباري في ثمانية سنوات الأولى للدراسة
الإطعام المجاني للاطفال في المدارس
تعميم التأمين الإجتماعي لجميع المواطنين
محاربة حالة الاستغلال في بيع الأراضي و الأموال غيرالمنقولة
محاربة الفساد

28_imam2
و أما الإشكال الوارد على هذا الإستفتاء من الناحية الشكلية هو عدم شرعية الاستفتاء العام لتعارضة مع الدستور البلد. فلم يتقرر في الدستور عملية الاستفاء العام في القضايا السياسية. اضافة إلى تعجيل السلطة في إجراء الاستفتاء و عدم اطلاع الشعب على الحقائق و الجوانب الخفية للثورة البيضاء و الإرعاب و تطميع الناس للمشاركة في الانتخابات و عدم حضور الناس بشكل كثيف عند صناديق الإقتراع هي من الاشكاليات الواردة على هذا الاستفتاء.

farazel_90301-103035!1

 

قام الإمام الخميني بمقاطعة الإستفتاء العام مما أدى إلى تعطيل السوق المركزي في طهران و تجمع الناس الإعتراضي هناك و إقامة مظاهرات شعبية في مسيرة ميدان (توبخانه) و (سرجشمه) و (بهارستان) و حضر مجموعة من المعترضين في بيوت بعض الفقهاء و المراجع مثل آية الله خوانساري و آية الله بهبهاني.
معارضة القوى الوطنية للثورة البيضاء المزعومة و البيانات التي أصدروها بهذا الشأن أدت إلى اعتقال الشخصيات البارزة منها مثل آية الله طالقاني و المهندس بازركان و الدكتور سحابي و تم أصدارأحكام جزائية بالحبس طويل المدى بحقهم.

278861_343

رغم كلّ هذه المعارضات تم إجراء الإستفتاء العام في تاريخ     السبت , January 26, 1963     و من ثم استمر النظام الشاهنشاهي بقمع الحركات المعارضة بقوة أكثر. تم اعتقال مئات من رجال الدين و الثوار من مختلف شرائح الشعب و صدرت الأوامر لإخضاع طلبة العلوم الدينية للخدمة العسكرية… و للعجب أنّه بعد كل تلك الإعتراضات قد تم تطبيق تلك القوانين بالفعل و لكن ظل الفساد مخيماً بظلاله السوداء التي جثمت على صدور الشعب الإيراني كما توقع الإمام الخميني و المؤمن يرى بنور الله.
و كان رد فعل الحوزة العلمية الغيرمتوقع مثاراً لإصابة الشاه بهستيريا الإنتقام مما دفعه إلى إقامة مجزرة تاريخية في الحوزة العلمية نتحدث عنها في الحلقة القادمة إن شاء الله .

المصدر: رابطة الحوار الديني للوحدة

ارسال التعليق

You are replying to: .