۶ اردیبهشت ۱۴۰۳ |۱۶ شوال ۱۴۴۵ | Apr 25, 2024
القرآن الكريم

وكالة أنباء الحوزة _ ثمة سؤال يطرح: ما معاني الحروف المقطّعة في أوائل سور القرآن الكريم؟ وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني.


السؤال:  ما معاني الحروف المقطّعة في أوائل سور القرآن الكريم؟

الجواب: بالنسبة للحروف للمقطعة، فقد ذكر المفسرون والعلماء بيانات مختلفة في توضيح المراد من الحروف المقطعة الواردة في أوائل السور القرآنية... ويمكنكم مراجعة (رسائل الشريف المرتضى ج3 ص298) وما بعدها، حيث ذكر الأقوال في هذا الموضوع، ثم بيّن الرأي الذي يتبنّاه ويميل اليه في المقام.
وأيضاً ذكر السيد الطباطبائي في تفسيره (الميزان في تفسير القرآن 6:18) حول هذه الحروف ما حاصله:
قوله تعالى (حم عسق) من الحروف المقطعة في أوائل عدة من السور القرآنية، وذلك من مختصات القرآن الكريم لا يوجد في غيره من الكتب السماوية.
وقد اختلف المفسرون من القدماء والمتأخرين في تفسيرها وقد نقل عنهم الطبرسي في (مجمع البيان) أحد عشر قولاً في معناها:

أحدها: أنها من المتشابهات التي استأثر الله سبحانه بعلمها لا يعلم تأويلها إلا هو.
الثاني: أن كلا منها أسم للسورة التي وقعت في مفتتحها.
الثالث: أنها أسماء القرآن أي لمجموعة.
الرابع: أن المراد بها الدلالة على أسماء الله تعالى فقوله: ((ألم)) معناه أنا الله أعلم، وقوله: (المر) معناه أنا الله أعلم وأرى، وقوله: (المص) معناه أنا الله أعلم وأفصل، وقوله: (كهيعص) الكاف من الكافي، والهاء من الهادي، والياء من الحكيم، والعين من العليم، والصاد من الصادق، وهو مروي عن ابن عباس، والحروف المأخوذة من الأسماء مختلفة في أخذها فمنها ما هو مأخوذ من أول الأسم كالكاف من الكافي، ومنها ما هو مأخوذ من وسط كالياء من الحكيم، ومنها ما هو مأخوذ من آخر الكلمة كالميم من أعلم.
الخامس: أنها أسماء لله تعالى مقطعة لو أحسن الناس تأليفها لعلموا اسم الله الأعظم تقول: الر وحم ون يكون الرحمن وكذلك سائرها إلا أنا لا نقدر على تأليفها وهو مروى عن سعيد بن جبير.
السادس: أنها أقسام أقسم لله بها فكأنه هو أقسم بهذه الحروف على أن القرآن كلامه وهي شريفة لكونها مباني كتبه المنزلة، وأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وأصول لغات الامم على اختلافها.
السابع : أنها إشارات إلى آلائه تعالى وبلائه ومدة الأقوام وأعمارهم وآجالهم.
الثامن: أن المراد بها الإشارة إلى بقاء هذه الامة على ما يدل عليه حساب الجمل.
التاسع: أن المراد بها حروف المعجم وقد استغنى بذكر ما ذكر منها عن ذكر الباقي كما يقال: اب ويراد به جميع الحروف.
العاشر: أنها تسكيت للكفار لأن المشركين كانوا تواصوا فيما بينهم أن لا يستمعوا للقرآن وأن يلغوا فيه كما حكاه القرآن عنهم بقوله: (( لا تَسمَعوا لهَذَا القرآن وَالغَوا فيه )) (فصلت: من الآية26) ، فربما صفروا وربما صفقوا وربما غلطوا فيه ليغلطوا النبي(ص) في تلاوته، فأنزل الله تعالى هذه الحروف فكانوا إذا سمعوها استغربوها واستمعوا إليها وتفكروا فيها واشتغلوا بها عن شأنهم فوقع القرآن في مسامعهم.
الحادي عشر: أنها من قبيل تعداد حروف التهجي والمراد بها أن هذا القرآن الذي عجزتم عن معارضته هو من جنس هذه الحروف التي تتحاورون بها في خطبكم وكلامكم فإذا لم تقدروا عليه فاعلموا أنه من عند الله تعالى، وإنما كررت الحروف في مواضع استظهاراً في الحجة، وهو مروي عن قطرب واختاره أبو مسلم الإصبهاني وإليه يميل جمع من المتأخرين.

فهذه أحد عشر قولاً وفيما نقل عنهم ما يمكن أن يجعل قولاً آخر كما نقل عن ابن عباس في ((الم)) أن الألف اشارة إلى الله واللام إلى جبريل والميم إلى محمد(ص)، وما عن بعضهم أن الحروف المقطعة في أوائل السور المفتتحة بها إشارة إلى الغرض المبين فيها كأن يقال إن ((ن)) إشارة إلى ما تشتمل عليه السورة من النصر الموعد النبي(ص)، و((ق)) إشارة إلى القرآن أو القهر الإلهي المذكور في السورة، وما عن بعضهم أن هذه الحروف للإيقاظ.

والحق أن شيئاً من هذه الأقوال لا تطمئن إليه النفس:
أما القول الأول فقد تقدم في بحث المحكم والمتشابه في أوائل الجزء الثالث من الكتاب أنه أحد الأقوال في معنى المتشابه، وعرفت أن الإحكام والتشابه من صفات الآيات التي لها دلالة لفظية على مداليلها، وأن التأويل ليس من قبيل المداليل اللفظية بل التأويلات حقائق واقعية تنبعث من مضامين البيانات القرآنية أعم من محكماتها وتشابهاتها، وعلى هذا فلا هذه الحروف المقطعة متشابهات ولا معانيها المراد بها تأويلات لها.
وأما الأقوال العشرة الآخر فإنما هي تصويرات لا تتعدى حد الاحتمال ولا دليل يدل على شيء منها.
نعم، في بعض الروايات المنسوبة إلى النبي(ص) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) بعض التأييد للقول الرابع والسابع والثامن والعاشر، وسيأتي نقلها والكلام في مفادها في البحث الروائي الآتي إن شاء الله تعالى.
والذي لا ينبغي أن يغفل عنه أن هذه الحروف تكررت في سور شتى وهي تسع وعشرين سورة افتتح بعضها بحرف واحد وهي ص و ق و ن، وبعضها بحرفين وهي سور طه وطس ويس وحم . وبعضها بثلاثة أحرف كما في سورتي ((الم)) و ((الر)) وطسم وبعضها بأربعة أحرف كما في سورتي ((المص)) و((المر)) وبعضها بخمسة أحرف كما في سورتي ((كهيعص)) و ((حمعسق)).
وتختلف هذه الحروف أيضاً من حيث إن بعضها لم يقع إلا في موضع واحد مثل ((ن)) وبعضها واقعة في مفتتح عدة من السور مثل ((الم)) و ((الر)) و ((طس)) و((حم)).
ثم إنك إن تدبرت بعض التدبر في هذه السور التي تشترك في الحروف المفتتح بها مثل الميمات والراآت والطواسين والحواميم، وجدت في السور المشتركة في الحروف من تشابه المضامين وتناسب السياقات ما ليس بينها وبين غيرها من السور.
ويؤكد ذلك ما في مفتتح أغلبها من تقارب الألفاظ كما في مفتتح الحواميم من قوله: ((تنزيل الكتاب من الله)) أو ما هو في معناه، وما في مفتتح الراآت من قوله : ((تلك آيات الكتاب)) أو ما هو في معناه، ونظير ذلك واقع في مفتتح الطواسين، وما في مفتتح الميمات من نفي الريب عن الكتاب أو ما هو في معناه.
ويمكن أن يحدس من ذلك أن بين هذه الحروف المقطعة وبين مضامين السور المفتتحة بها ارتباطاً خاصا، ويؤيد ذلك ما نجد أن سورة الأعراف المصدرة بالمص في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين الميمات وص، وكذا سورة الرعد المصدرة بالمر في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين الميمات والراآت.
ويستفاد من ذلك أن هذه الحروف رموز بين الله سبحانه وبين رسوله(ص) خفية عنا لا سبيل لأفهامنا العادية إليها إلا بمقدار أن نستشعر أن بينها وبين المضامين المودعة في السور ارتباطاً خاصاً.
ولعل المتدبر في مشتركات هذه الحروف وقايس مضامين السور التي وقعت فيها بعضها إلى بعض تبيين له الأمر أزيد من ذلك.
ولعل هذا معنى ما روته أهل السنة عن علي(ع) ـ على ما في المجمع ـ أن لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي.

 

ارسال التعليق

You are replying to: .