۴ اردیبهشت ۱۴۰۳ |۱۴ شوال ۱۴۴۵ | Apr 23, 2024
الامام موسى الصدر

وكالة الحوزة - قدم الإمام موسى الصدر محاضرة تحت عنوان الإمامة وعاشوارء خلال ندوة أدبية انعقدت في مدرسة الآداب العليا ببيروت، مبينا في الحلقة الثانية منها مبادئ مفهوم الإمام عند الشيعة.

وكالة أنباء الحوزة - قدم الإمام موسى الصدر محاضرة تحت عنوان الإمامة وعاشوارء خلال ندوة أدبية انعقدت في مدرسة الآداب العليا ببيروت، مبينا في الحلقة الثانية منها مبادئ مفهوم الإمام عند الشيعة.
 
إن المطلوب مني في هذه الدراسة هو العنوان الأول فحسب، شهادة الإمام، وأعتقد أن زملائي الأحد عشر سيؤدون دورًا موضِّحًا للتحدث عن الثالث، الشهادة الإمام لأنهم ألقوا أضواءهم جميعًا على عاشوراء.
ويبقى العنوان الثاني وهو إمامة الشهيد، إنه بحث اجتماعي وديني مستقل تطرَّق إليه الكثيرون من الباحثين بالتفصيل وقد اكتفيت في ذلك بالآية التي تلوتها لكم حول دور الشهيد في الدعوة، وفي الإثارة، وفي الخلود وفي التحول إلى القيم.
فلندخل في صميم بحثنا، شهادة الإمام، وهنا نحتاج إلى أن نتحدث عن مفهوم الإمام وضرورته عند الشيعة، وأبعاد معنى الإمام لدى المذهب.
ولأجل أن ندرك تسلسل الفكرة ونصل إلى صورة واضحة عن الإمام، إلينا هذه المبادئ:
 
أولًا، الحياة في مفهومها الديني حركة دائمة نحو الكمال، والقرآن الكريم يلخص هذا بقوله: ﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ [البقرة، 156]، أي نحن في رجوع مستمر إلى الله، أي الكمال المطلق. وهذا المفهوم نجده في كثير من التعاليم الدينية التي تأمر بالحركة الدئمة والسعي الدائم حتى الرمق الأخير.
 
ثانيًا، الحركة تغيُّر مستمر واتجاهها نحو الكمال اللانهائي الذي هو الله يستدعي سيرها نحو الأفضل، إذ الحياة في مفهومها الديني سير دائم وتغيير مستمر نحو الأفضل، وبالتالي رفض الوقوف والجمود والتراجع.
 
ثالثًا، والتحول الواجب نحو الأفضل (بما في ذلك التجاوب والانتكاسات طبعًا) هادئ أحيانًا، وعنيف أحيانًا أخرى حسب ظروف الحركة.
 
رابعًا، وجود الخير والشرّ في الإحساس، ووجود الخير والشرّ في الحياة يخلقان الصراع الدائم في نفس الإنسان قبل الصراع في الخارج، وبالتالي فإنّ هذا الصراع هو الدافع المتجدد نحو الكمال.
الإنسان متحركًا نحو الكمال، دافعه وجود عنصر الخير والشرّ في نفسه وفي الخارج، وإلَّا فلو لم يكن الإنسان يدرك أو لو لم يكن الشرّ في الخارج لم يكن الاختيار أي الصراع أو الرياضة الدائمة وبالتالي الكمال الدائم. وهذا مفهوم قرآني، ففي سورة الشمس يقول: ﴿فألهمها﴾ يعني الله ألهم النفس ﴿فجورها وتقواها﴾ [الشمس، 8]، يعني أن الله ألهم الإنسان وخلقه بحيث يحسُّ بالشرّ كما يحسُّ بالخير. ﴿قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دساها﴾ [الشمس، 9-10]: الفلاح أي الكمال يحصل بعد الصراع. وآية أخرى: ﴿وهديناه النجدين﴾ [البلد، 10] نحن الخالق، علَّمنا الإنسان طريقه إلى الخير والشرّ، وتضيف الآية: ﴿فلا اقتحم العقبة﴾ [البلد، 11]، الإنسان المقصِّر ما اقتحم وما عَبَرَ المشكلة. ﴿وما أدراك ما العقبة * فكّ رقبة﴾ [البلد، 12-13]: تحرير إنسان فردًا كان يوم من الأيام أو جماعة في يومنا هذا ﴿أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيمًا ذا مقربة * أو مسكينًا ذا متربة﴾ [البلد، 14-16]: الإطعام يعني خلق العيش للإنسان فرديًا كان حسب طاقات الإنسان أو جماعيًا. فدافع الإنسان نحو الكمال وجود عنصر الخير والشرّ، وصراع الخير والشرّ المستمر في الذات، الصراع في النفس والصراع في الخارج.
 
خامسًا، أما الدعوة الإلهية فلها مراحل ودرجات: المرحلة الأولى، الضمير، على حدّ تعبير القرآن الفطرة، ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها﴾ [الروم، 30]. إن الضمير هو المرحلة الأولى للدعوة الإلهية نحو الكمال. والضمير هو النبي الباطن يأتيه بعد ذلك النبي من الله والنبيّ ضمير الكون والوجود، يساعد الإنسان في صراعه هذا ويخرجه إذا أراد من الظلمات إلى النور. هذه خلاصة دعوة الأنبياء جميعًا؛ ﴿قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يدعو به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور﴾ [المائدة، 15-16]: أي من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن ظلمات الفقر إلى نور الرفاه، وهكذا... إنهم الأنبياء بُعِثُوا من الأميين، من عامة الناس ليزكّوهم ويعلموهم الكتاب والحكمة كما ورد هذا في القرآن بالنسبة للنبي محمد. فالمرحلة الأولى من الدعوة هي الضمير والثانية دعوة الأنبياء.
 
أما المرحلة الثالثة للدعوة فلعلّها لا تخلو من غرابة، ولكنها مليئة بالتفاؤل والتربية وخلق القوة من الضعف. والقرآن الكريم له منطق خاص في هذا المجال لأنه يجعل المصيبة دافعًا مساعدًا لانتباه الإنسان ووعيه وحركته كما أن التفاعلات الاجتماعية وظهور الفساد في البرّ والبحر -حسب تعبير القرآن- عامل آخر لتنبيه الإنسان إلى أخطائه في اتجاهه. يقول القرآن: ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون﴾ [الروم، 41]. نلاحظ إذًا، أن هناك آثارًا اجتماعية سيئة نتيجة لعمل الإنسان جاءت لكي تنبه الإنسان فهي نوع من الدعوة الجديدة والتذكير. هذا بالنسبة للأحداث الاجتماعية، ويسري نفس المنطق بالنسبة للمصائب ﴿ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وانا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة﴾ [البقرة، 155-157]، حتى المصيبة في الرؤية القرآنية مرحلة من الدعوة.
 
سادسًا، ثم إن الدعوة شاملة لجميع البشر ولكل قوم هادٍ، والقرآن يؤكد خلال آيات متعددة وجود الدعوة بواسطة الأنبياء لجميع شعوب الأرض. وبالتالي يثبت أن الدعوة عامة بواسطة الأنبياء ومستمرة بواسطة الهادين (الأئمة) والأوصياء. هذا الاستمرار والشمول في الدعوة الإلهية عناية من الله لإنقاذ الإنسان من سيطرة الأهواء وعناصر الشرّ في داخله وفي الخارج، والتي تظهر خلال دعوة الأنبياء وبعدهم وتتراكم حتى تصبح خطرًا على الدعوة ذاتها.

ارسال التعليق

You are replying to: .