۶ اردیبهشت ۱۴۰۳ |۱۶ شوال ۱۴۴۵ | Apr 25, 2024
سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد هاشم الحيدري

وكالة الحوزة ـ أجرى الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الثالث من الحلقة الثامنة إلى إمكان تكرار واقعة عاشوراء في زماننا ووقوع الأمة بتلك الامتحانات التي جرت عليها من قبل.

أفادت وكالة أنباء الحوزة أن الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري أجرى سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الثالث من الحلقة الثامنة إلى إمكان تكرار واقعة عاشوراء في زماننا ووقوع الأمة بتلك الامتحانات التي جرت عليها من قبل. وفيما يلي نص الحوار.

المقدم: السؤال الأخير سماحة السيد! هل يمكن أن تتكرر واقعة عاشوراء في زماننا؟ وكيف يمكن ألّا نقع بمثل ما وقعت به الأمة آنذاك؟

سماحة السيد: في الختام وفي نهاية المطاف، يجب أن نجيب بجرأة وبصراحة وألا نكون كالنعامة نختبئ خلف أصابعنا.

نعم النتائج التي حصلت في زمن الإمام الحسين (ع)، يمكن أن تحصل في كل زمان. بمعنى: أمة عابدة لله، بل وحتى تملك الإخلاص في عبادتها، تملك الحبّ، قد تكون محتاطة في سلوكها، ولكن في المواقف نجد الكثير من الأمم فشلت فشلاً ذريعاً. مثلاً بعد كربلاء، ولا أشرع بزماننا، بل سأتناول عدة مقاطع سريعة، حتى أصل إلى زماننا.

دخول الحجاج إلى مسجد الكوفة.. دخل الحجاج إلى مسجد الكوفة كدخول ابن زياد إلى الكوفة، حيث دخل إلى المسجد متلثماً. والمسجد كما في الرواية كان يعجّ بالعُبّاد، بين قائم وراكع وساجد وتالٍ للقرآن، لهم دويّ كدويّ النحل. صعد الحجاج إلى منبر الكوفة، ومنبر الكوفة له وزنه. فأخذت الأصوات شيئاً فشيئاً تتعالى، كلٌّ يسأل الآخر من هذا؟ والسيد القائد يشير إلى هذه القصة، ولا أنقل ما قاله لضيق الوقت، ولكن سأشير إلى تعليقاته فيها. يقول لا يوجد أحد من هؤلاء العبّاد، وكانوا بالتالي من المسلمين، والكوفة كانت من المدن الإسلامية المهمة بعد مكة والمدينة. لم يقل له أحد: من أنت؟ بأي حق تصعد على منبر الكوفة؟ الكل يسأل صاحبه، وهذه من علامات الخوف والركون والضعف. إلى أن هدأت الأمور وانتهت الأسئلة، وأخذوا ينتظرون وسكت الجميع. فكشف الحجاج عن قناعه والكل يعرفه، وكان رجلاً جزّاراً. قال الحجاج لغلامه: اقرأ كتاب أمير المؤمنين، وكان عبد الملك بن مروان على ما في ظني. بدأ الغلام بالقراءة: بسم الله الرحمن الرحيم من أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان إلى أهل الكوفة، سلام عليكم. أما بعد، يا أهل الكوفة... كذا وكذا. فقال له الحجاج اسكت يا غلام. ثم التفت إلى الجمع وهم المصلّون العبّاد، وقال لهم: لقد أسأتم الأدب مع الأمير. أمير المؤمين يلقي عليكم السلام ولا تردّوا السلام؟! أعد القراءة يا غلام. عاد الغلام قائلاً: بسم الله الرحمن الرحيم من أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان إلى أهل الكوفة، سلام عليكم. تقول الرواية فضجّ المسجد: وعليك السلام يا أمير المؤمنين. ثم يعلّق السيد القائد هنا قائلاً حتى لو كان الحجاج قد أتى بقنبلة ذرية، ما كان يستطيع تفجيرها لأنه سيقتل هو أيضاً.

إلى أن قال لهم الحجاج: أشركتم، ويجب على كل فرد منكم أن يأتي إلى قصر الإمارة ويعيد الشهادتين. ففعل أهل الكوفة ذلك.. هذه هي الأمة الإسلامية نفسها. هذه ليست أمة مستوردة من سنغافورا أو تايلند أو الصين.. كلا، إنها نفس هذه الأمة الإسلامية.

الإمام الصادق كان يدرس عنده أربعة آلاف طالب حوزة ورجل دين، وكانت لديه حوزة علمية عامرة. ولكن الإمام كان يريد شخصاً يُلقي نفسه في التنور، ويقول: لا يوجد عندي خمسة. إذن أمة مستعدة لدراسة الحوزة، تصلي وتصوم وتقيم الشعائر، ولكن ليست على استعداد لأن تضحي. ولذلك نحن أكّدنا في الحلقات السابقة على أن هذا هو المفصل. ﴿فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾، هنا الامتحان. ليست المشكلة في الصلاة، فسواء كان يحكمني الإمام الحسين أو يزيد، أستطيع أن أصلي في البيت، ولا توجد لديّ مشكلة. وسواء أصلّي على هذا المذهب أو ذلك المذهب، لا توجد عندي مشكلة. ولكن أن أخرج نصرةً لهذا أو ذاك، أو نصرةً للحق أو ركوناً إلى الباطل، هنا الامتحان.

مثال آخر: الإمام الكاظم. لقد ورد في بعض الروايات أن الإمام الكاظم كان في السجن سبع سنوات وفي بعضها الآخر أربعة عشر سنة. إمام معصوم في سجن هارون الرشيد ولم يتحرّك أحد! أنا هنا قرأت في بعض التواريخ أن الناس، وأنا بين قوسين أقول (الشيعة) بكل صراحة، كانوا يمشون إلى كربلاء. يعني في زمن الإمام الكاظم كان هناك من يزور كربلاء، لأن القبر كان موجوداً على كل حال. ولكن كان عليهم فكّ السجن، إذ لم تكن هناك دبابات وهمرات وقاذفات و... وإنما كان حارسان في باب السجن، والأمة بالتالي كانت كبيرة. ولكن هناك شلل ذهني وروحي ونفسي.

لو صحّت رواية أن الإمام سجن سبع سنوات، يعني مرّت سبع محرمات، سبع أربعينيات، كم ليلة جمعة؟ كم دعاء كميل؟ كم دعاء الندبة؟ كم وكم وكم، ولم يفكر الشيعة بتخليص الإمام إلا القليل من الصحابة، ولكن قال لهم الإمام اجلسوا لأن الأمة خذلت. ولكن عندما سمّه هارون ووضعه على الجسر، وهذا مشهور نقرؤه على المنبر كثيراً أو نسمعه، ونادوا عليه هذا إمام الرافضة، جاء المسلمون يشيّعونه، ولذلك فإن الإمام الكاظم قد حصل على تشييع كبير. حتى أن هناك شاعر، أنا دوماً ما أذكره، يقول باللهجة العراقية: «موسى بن جعفر عل الجسر گوموا يا شيعة نشيلة»، والذنب ليس للشاعر إلا أن الأمة أوصلت الشاعر إلى هذا الشعر، ولكن كان المفروض أن يقول: «موسى بن جعفر بالسجن گوموا يا شيعة نطلعة».. هذا لم يفكر به أحد. ولذلك كان أهل البيت «ما منّا إلا مقتول أو مسموم». لأن الأمة كانت تعبد، تخلص، تؤمن، تلطم، تمشي، تبني المساجد وربما الحسينيات، تتداول الروايات ومعارف أهل البيت، ولكن في السيف فلا، كانت قليلة جداً. ولهذا يقول القرآن: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ﴾. فالصلاة ليست كرها والصوم ليس كرها والحج كم هو جميل.

نأتي إلى زماننا، وسأكون صريحاً بعض الشيء. وأنا أضع إصبعي على انتصار الثورة الإسلامية لأنها مفصل كبير، والسيد القائد أشار إليه. نحن إذا لم نقف عند الثورة الإسلامية والدولة الإسلامية التي أعزّت ذكرى رسول الله وذكرى القرآن وذكرى أهل البيت، وإذا مررنا عليها مرور الكرام، اسمحو لي أن أقول لم نفهم شيئاً من الدين، أو لم نفهم كثيراً من الدين، وإن كان ما في قلبي هو الأول.

بعد الثورة حصل ما حصل.. قلوبهم معك وسيوفهم عليك. حيث خاضت الجمهورية حرباً ليست ضدّ دولة كافرة، وإنما حرب ضد مسلمين. والكثير ممن حضر في الجبهات أو بعضهم هو ممن يشترك مع الإمام الخميني والشعب الإيراني في الدين والمذهب. وهنا الامتحان.

يقول سماحة الإمام الخامنئي: «عندما كان أبناؤنا (في الجبهة وفي الدفاع المقدس) يأسرون أفراد العدو، يعثرون في مواضعهم على مسبّحات وترب حسينية». صحيح أنّ الكلام قاسٍ، ولكن الله لا يوجد لديه شيء اسمه لبنان وإيران وباكستان والعراق والبحرين واليمن، وإنما هناك حق وباطل. يقول أمير المؤمنين: «ولطالما كنّا نقاتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا لا يزيدنا في ذلك إلا إيماناً وتسليماً». قضية الحق ليست قضية سهلة. ليس الحق دائماً مع بلدي وعشريتي وحزبي وأبي وأمي. ثم يقول السيد القائد: «نعم، فمثلهم كمثل الذين وقفوا في وجه أمير المؤمنين وهم يؤدون الصلاة، وهنا الفتنة».

أنا أقول: نحن نقرأ: «يا أبا عبد الله إني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم». ولكن الذين نصروا الحسين استُشدوا والذين عادوا الحسين قُتلوا وانتهوا. فأين طريق الحسين اليوم؟ من هو الذي يُعزّ الحسين؟ أي شعبٍ، أي مقاومةٍ، أي دولة؟ نحن مكلّفون اليوم. نحن لم نُسأَل عن كربلاء، لأننا لم نعش في سنة 61 للهجرة. اليوم أين كربلاء، أين ساحتها، أين دولتها، أين امتداد الحسين؟

نعم إذا كان ميزاننا وملاكنا ومعيارنا للإنسان الحسيني هو ألفاظ وعواطف فقط، فبلا شك يمكن لأمة تزور الحسين عليه السلام وتحبّه، أن تحمل السيف ضدّ من ينصر الحسين ويدافع عن الحسين. وأكرر قلوبهم معك وسيوفهم عليك.

نحن مشكلتنا أننا عندما نقرأ في الزيارة: «لعن الله أمة قتلتك، ولعن الله أمة ظلمتك، ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به» نقبلها في التأريخ، ولكن عندما تصل لنا القضية نقتل ونظلم ونسكت ونبقى نعتبر أنفسنا حسينيين. نوالي أمريكا ونصادقها ونعادي دولة الإسلام ونعتبر أنفسنا حسينيين.

أسأل الله أن يترحّم وأن يُنزل الرحمة بأكبر صورها على إمامنا الراحل، فإنه هو الفاتح في زماننا، وأن يحفظ الإمام القائد، وأن يحفظ المقاومة في العراق وفي سوريا وفي لبنان وفي اليمن، وأن يوفّق صاحب كل عزاء وموكب. ولكن على الجميع في كل البلدان أن يفكّروا بحسين زمانهم، أن يبحثوا عن حسين زمانهم فيوالوه، ويبحثوا عن يزيد زمانهم فيعادوه، لأن الإمام الحسين يقول: «مثلي لا يبايع مثله».

 

ارسال التعليق

You are replying to: .