۳۱ فروردین ۱۴۰۳ |۱۰ شوال ۱۴۴۵ | Apr 19, 2024
سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد هاشم الحيدري

وكالة الحوزة ـ أجرى الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الثالث من الحلقة الرابعة إلى مراتب الناس عند اتّباعهم للحق.

أفادت وكالة أنباء الحوزة أن الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري أجرى سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الثالث من الحلقة الرابعة إلى مراتب الناس عند اتّباعهم للحق، وفيما يلي نص الحوار.
المقدم: بعد أن يتيقن الإنسان من الحق ويميزه عن الباطل، ما هي الخطوة الأخرى؟
السيد: الخطوة الأخرى هي نصرة الحق، فأن نعرف الحق أمر جيد، ولكن كما في الدعاء الذي قرأناه «وارزقنا اتباعه». طبعا في قوله: «اللهم أرني الحق حقاً» هناك خطوتنا، الأولى هي: «اللهم أرني الحق»، وهذا بحاجة إلى بحث من قبل الإنسان نفسه ولكن يطلب من الله ويقول: أرني الحق، والثانية هي أن يريه الحق حقاً لأن الإنسان قد يواجه الحق ولا يعرفه، والخطوة الثالثة هي الاتباع والنصرة، بمعنى إطاعة الأوامر التي تصدر من القائد ومن الإمام الحسين عليه السلام ومن أمير المؤمنين ومن رسول الله ومن موسى ومن إبراهيم ومن زكريا ومن بقية الأنبياء، ولكن هنا ابتلاء آخر لربما أكبر من الأول، فإن الكثير من الأمم قد اكتفت بالمعرفة وتصورت أن المعرفة كافية، وهي النجاة، فيحين أنها غير كافية. وقد ذكرنا سابقاً بأن الكثير من الناس كانوا يعرفون الإمام الحسين بأنه على الحق، ويعرفون أنه سبط رسول الله، ويعرفون أن يزيد في المقابل رجل فاسد فاجر كما عبر الإمام الحسين عليه السلام، ويعرفون أن حركة الإمام الحسين حركة حقة ولكن أين سقطوا؟ سقطوا لا في المعرفة، بل سقطوا في الاتباع ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ﴾. وهذا الجحود ورفض الاتباع وعدم الالتزام غالباً يكون في ساحات الجهاد، لا في الصلاة والصوم وقراءة القران والذهاب إلى الحج. الامتحان دائماً في كربلاء. . الامتحان دائماً في صفين. . الامتحان دائماً في معركة الأحزاب. . الامتحان دائماً في الصراع مع فرعون، ولذلك القران عندما يطرح مسألة الفشل غالباً ما يطرحها في امتحان المواجهة لا في امتحان السلم؛ ﴿اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾. لذلك فإن الأمة في زمن الإمام الحسين لم تنكر شخصيته أولاً، ولم تنكر أحقيته في الحركة ثانياً، ولم تنكر صوابية هذه الثورة وأحقية هذه الثورة، ولم تخدش في قداسة الشعارات والأهداف التي رفعها الإمام الحسين، ولم تكذب نسبه قائلة: من قال إنك سبط رسول الله؟ إذن أين كان الخلل؟ لم يكن الخلل في المعرفة، بل كان الخلل في الاتباع. وفي تصوّري فإن مشكلة الكثير منا تكمن في هذه الخطوة، لأن خطوة الاتباع أصعب من خطوة المعرفة. هنا يشير السيد القائد إلى أن خطوة التمييز بين الحق والباطل خطوة صعبة، ولكن خطوة الاتباع تأتي بصعوبة أكبر، لأنها بحاجة إلى التضحية. فأنا في البيت جالس وعرفت الإمام الحسين على الحق، ولكن غير مستعد للاتباع، فأين التضحية التي أقدمها في مثل هذه المعرفة؟ لن أقدم تضحية وأنا في البيت، إذ لن يطرق عليّ السلطان بابي ويقول لماذا ولماذا؟ فإني قد عرفته وولايته في قلبي، فهل يكفي هذا؟ يقول الامام الحسين لا يكفي، لذلك خطابات الإمام الحسين عليه السلام كلها تؤنبهم لا لأنهم لم يعرفوا الحق، وإنما تؤنبهم لأنهم لم يتبعوا؛ «ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه». يحاسبهم على الاتباع؛ يحاسبهم على السلوك، وعلى النهي عن المنكر والأمر بالعروف. لذلك في سورة البقرة على سبيل المثال في قضية النبي (ص) عندما جاء اليهود، عرفوا أن النبي الأكرم على الحق وهو نبي آخر الزمان، ولكن القران يقول: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾؛ عرفوا ولكن كفروا به، ثم يقول القران بعد ذلك: ﴿فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾. إذن رغم أنهم عرفوا بأن النبي على الحق ولكن لأنهم لم يتبعوا جاءهم اللعن. 
المقدم : إذن يصبح الذنب أكبر؟
السيد: أحسنتم الذنب أكبر، فالذي يعرف ولا يتبع، أسوء من الذي لا يعرف ولا يتبع. وأما المؤمن الحقيقي، وأما أصحاب الإمام الحسين فبحث ثم معرفة ثم اتباع ونصرة الحق، فالنصرة يجب أن تكون مكملة لهذه المعرفة. طبعاً قد يواجه الإنسان قلة الناصر، وقد يواجه التأنيب، وقد يواجه الاستهزاء؛ ﴿يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَايَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾. تصوروا بأن جميع الرسل قد استهزئ بهم، وأنّ الله يتحسر على هذا الأمر، فما بالك بالأنصار الذين يواجهون أنواع الاستهزاء والسجن والتشريد والتعذيب وغيرها من الأمور التي نسمعها اليوم من أحداث وفي كل زمن. هذا  الانسان يحتاج إلى قوة في المعرفة وقرار في الاتباع. لذلك فالاتباع ونصرة الحق أيضا تحتاج إلى قرار. من هنا ندرك قول القران الكريم: ﴿وَأَكثَرُهُم لِلحَقِّ كَارِهُونَ﴾، فإنه لم يقل «وأكثرهم للحق ناكرون»، لأن الأكثر لم ينكر الحق، بل الأكثر كره الحق، لأن الحق صعب مستصعب، وعن أمير المؤمنين عليه السلام: «من أحبنا فليعد للبلاء جلباباً»، والجلباب يعني لباس يغطي كل البدن بحسب بعض المعاني، من هنا نجد أنّ مسألة النصرة تحتاج إلى قرار آخر؛ قرار البحث وقرار المعرفة وقرار النصرة. 
وهنا أيضاً نقف عند حزب الله. عندما ذهب إلى الإمام الخميني ماذا قال لهم الإمام؟ لم يقل لهم جزاكم الله خيراً، فقد عرفتم الحق وارجعوا إلى بيوتكم؛ كلا بل أعطى التكليف، عندما عرفوا الحق يجب أن يعرفوا أن الحق يعطي تكليفاً: أرضكم مغتصبة من قِبَل إسرائيل، فاحرقوا الأرض تحت أقدامهم. ولذلك أعتقد أنّ الولي الفقيه هو الذي حرّر، وهو الذي نصر، وهو الذي أوصل إلى هذا الأمر. طبعاً هذا الحزب بقي ملتزماً مع القائد، ولكن لم نَرَ في يوم أنّ القائد قال لهم: احرقوا لبنان، لا بل قال: احرقوا الأعداء. . احرقوا المحتل، وهذا بالطبع مع وجود من يدعي الوطنية وهو موجود في العراق وفي سوريا وفي البحرين وربما في اليمن. نحن نقول بأن معرفة القائد الشرعي الذي يعطيني براءة الذمة، هو الذي يبرئ ذمتي وعملي وأطمئن للتكليف الذي يصدر منه، ولكن بشرط أن أبقى مستقيماً مع هذا القائد، كما الحسين عليه السلام، فقد طالت كربلاء ساعات، ولكن الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية طالت 8 سنوات، وحرب المقاومة من 82 إلى الـ 2000 ثم ما بعدها وما بعدها ولا تزال. فالمعركة قد تطول ساعات، ولكن هذه الساعات قد تعادل سنوات، والمهم داخل الإنسان. فالإنسان إذا كان قراره عن عقيدة، ومعرفته عميقة، وقرر النصرة إلى آخر المطاف وإلى نهاية المطاف، عندئذ لا يهمه إذا كانت المسيرة ساعات أو سنوات. 

 

ارسال التعليق

You are replying to: .