۶ اردیبهشت ۱۴۰۳ |۱۶ شوال ۱۴۴۵ | Apr 25, 2024
سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد هاشم الحيدري

وكالة الحوزة ـ أجرى الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الأول من الحلقة الرابعة إلى كيفية امتثال أتباع الثورة الحسينية والثورة الخمينية بالنهج الحسيني، والسبل المتاحة أمام أصحاب البصيرة في معرفة الحق، وإن كان الحق ضد وطنه وأبناء عشيرته.

أفادت وكالة أنباء الحوزة أن الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري أجرى سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الأول من الحلقة الرابعة إلى كيفية امتثال أتباع الثورة الحسينية والثورة الخمينية بالنهج الحسيني، والسبل المتاحة أمام أصحاب البصيرة في معرفة الحق، وإن كان الحق ضد وطنه وأبناء عشيرته، وفيما يلي نص الحوار.
المقدم: سؤال لا يتعلق بالمراجع الكبار أو المؤسسين بل بالناس العاديين من أتباع الثورة الحسينية والثورة الخمينية، كيف يمكن لهؤلاء أن يكونوا حسينيين؟ بما أنه نتحدث عن نهج الحسين، هل يمكن لهم في البداية أن يقارنوا أنفسهم بنهج الإمام الحسين أم لا؟
سماحة السيد: الإنسان لابد أن يكون صاحب مبدأ وهدف سامٍ، وبالتالي هي المقاربة، يعني كلما تقرّب الإنسان، كان أكثر شبهاً، وربما عبارة «يا ليتنا كنا معكم» تدل على هذا المعنى، ولكن هذه ليست على مستوى التأريخ، بل يجب أن تجسد في الواقع، وإلا نحن لن نولد في ذلك الزمان ولن نرجع إلى الوراء، وإذا كان هكذا تكون المقولة كاذبة والعياذ بالله. أنا أعتقد أن تجسيد هذه المقولة «يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً» هي تجسيد الواقع. 
باعتقادي جواباً على هذا السؤال أن على الحسيني الحقيقي أولا أن يعرف حسين زمانه فيواليه، ويعرف يزيد زمانه فيعاديه، حينذاك يكون حسينياً ويكون مسلم بن عوسجة ويكون حبيب بن مظاهر. 
فقط إشارة حتى لا يساء الفهم؛ عندما نقول الإمام الخميني بهذه العظمة والإمام الخامنئي بهذه العظمة، ليس معنى ذلك أن نبخس حق المراجع والفقهاء أبداً، فلننظر إلى سيرة المراجع والفقهاء والعلماء منذ بداية الغيبة الصغرى والكبرى وإلى اليوم، ولننظر إلى دعم المراجع والعلماء للقائد وللإمام الخميني، فإن مراجع قم والنجف - بالأسنانيد المدوّنة وأنا مسؤول عن كلامي - أيدوا حركة الإمام الخميني من بدايتها إلى انتصار الثورة، وإلى اليوم مع الإمام القائد، فإن الفقهاء والمراجع في كل العالم الاسلامي وبالإجماع مؤيدين لهذا القائد وداعمين له وللإمام الخميني من قبله، لأنها حركة شرعية عقلية. نعم هناك الحواشي وهناك المغرضين والمتربصين والإشاعات. 
هذه هي البصيرة التي نحتاجها حتى نعرف من أين نأخذ، وإلى أين ننتهي حتى نعرف كيف نقيّم ونعرف حسين زماننا في نهاية المطاف. 
إن الإمام الحسين عليه السلام لم يحقق النصر العسكري، ولكن على المستوى العقائدي هو المنتصر، لأن تحقيق التأثير في الإصلاح وإنقاذ الأمة لا يتأتى فقط من خلال النتيجة، وإنما من أصل الحركة، وعبّرنا عنها بالهدف والنتيجة من هذا الباب. ولذا نعتقد أن الامام الحسين عليه السلام حقّق النصر وأعلى من النصر وهو الفتح، وهو الذي أبقى وحافظ على دين رسول الله. ومن هنا يقول العلماء في تفسير «وأنا من حسين»، وهي عبارة قد تثير العجب، فإن قول«حسين مني» تُفهم بسهولة، ولكن «وأنا من حسين»ما هو تفسيرها وهو الجد والحسين هو السبط؟ إن الإمام الحسين عليه السلام حقق النصر الإستراتيجي وهو النصر الإلهي، وهو ما قد يغفل عنه الكثير باعتبار أن الحسين قد استشهد. 
الخطوة الأولى لأي أمة أو جماعة أو شعب، هي مسألة البحث عن الحق، فأن يذهب إلى هذا المعسكر أو ذاك المعسكر، هذه الخطوة تحتاج إلى قرار، لأن بعض للناس لا يبحث عن الحق، وإنما ينتهج نهج: ﴿نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾. وهذه خطوة فكرية باطنية وجدانية، وهذا قرار قبل أي حركة سلوكية ظاهرية. 
إن الكثير من الأمم بحثت عن الحق في التأريخ، وليس من الصعوبة معرفه الحق التأريخي، إلا أنّ هذا غير كافٍ، بل لابد أن أعرف الحق في زماني. إذن يجب على الإنسان أولاً أن يكون طالباً للحق وباحثاً عن الحق، وهذا أمر مهم، وثانياً أن لا يجعل هناك مؤثرات، وهذه هي مشكلتنا، فهناك مؤثرات عصبية وقبلية وحزبية، والتعصبات كثيراً ما تؤثر على اختيار الحق لأمة ولشعب، فلنأخذ عنوان الوطن على سبيل المثال، فإنه ليس بالضرورة أن يكون الحق في وطني ومع أبناء شعبي، والملفت أن الرسول (صلى الله عليه وآله) أول حرب خاضها، هي معركة بدر، وكان هو القائد السياسي والعسكري فيها، وقد خاضها ضد أبناء شعبه وأبناء عشيرته وضدّ وطنه، لأن موطنه ومسقط رأسه هو مكة، ثم هاجر إلى المدينة، وأول حرب كانت ضد مكة وضد أبناء شعبه، وقد خاضها بضراوة وبقساوة، وهي رسالة للجميع، وثانياً ضد عشيرته قريش، كل هذا في سبيل الحق، ولذلك وردت هذه المقولة المشهورة عن أمير المؤمنين (ع): «ما أبقى لي الحق من صديق»، فالحق صعب. ولذا يجب في البحث عن الحق أن يتبع الإنسان أو الجماعة أو الشعب او الأمة الحق حتى ولو وجده في مكان بعيد. فكما يقال في العلم: «اطلبوا العلم ولو في الصين»، يقال في الحق أيضاً: «اطلبوا الحق ولو في الصين»، بل الحق أهم من العلم، لأنه ربّ إنسان غير متعلم لكنه يبحث عن الحق، وربّ إنسان متعلم ولكنه لا يجد الحق، ولذلك فإن الخطوة الأولى المهمة التي لا يعتبرها الكثير خطوة هي البحث عن الحق. 
أنا في هذه الحلقة، وفي كل خطوة سوف أذكر مثال حزب الله، فإنه حقاً حزب له مقبوليته. دخلت إسرائيل إلى لبنان في عام 1982، وإسرائيل معروفة لا نقاش فيها. طيب الآن دولة وبلد محتل من قبل عدو في كل الاعتبارات السياسية العالمية الدينية وغير الدينية. . بلد محتل من قبل بلد آخر وهو إسرائيل التي كانت قد غصبت أرض فلسطين، وجاءت لتحتل لبنان. هناك قبل خطوة السلوك خطوة من هو المشرّع؟ فإن البحث عن الحق يعني البحث عمن يعطي الشرعية. لأنه من قال أن التكليف هو القتال؟ ربما قد يكون في تصوري قتال، وفي علم الله في الواقع وبحسب المشرع ليس القتال بل الصلح. هذه المجموعة قبل أن تحمل سلاحاً ذهبت للبحث عن المشرع وعن الحق في زمانها. فإنها لم تقل: نحن شيعة ننتمي إلى أمير المؤمنين وهو حق، ولم تقل: نحن مسلمون ننتمي إلى رسول الله وهو حق، ولم تقل: نحن بشر ننتمي إلى آدم وهو حق، كلا بل أرادت أن تبحث عن الحق في زمانها عام 1982، وكانت هذه ربما هي اللبنة الأولى وهي الأساس الذي كان صحيحاً ولم يكن أساساً معوجاً. فالأساس إذا بني بشكل معوج غير مستقيم، قد يكون البناء هشاً هزيلاً. فجاء على رأس هذه المجموعة الشهيد الكبير السيد عباس الموسوي مع أصحابه يبحثون عن الحق، ويفتشون عند الفقهاء، لأن الحق هو الفقهاء، ولكن وجدوا الحق عند الولي الفقيه، وهذا هو إبداع حزب الله منذ البداية. 
انظروا إلى هذه القضية! إنهم لبنانيون يعيشون في أرض لبنان التي تبعد عن طهران آلاف الكيلومترات، ولكن لم يكن همهم هو تراب، ولم يكن الحق يؤطرهم ضمن وطن أو قومية، ولم يقولوا: يجب أن يكون الحق لبنانياً أو المشرع عربياً؛ كلا، بل فتشوا عن الحق بما هو حق، ووجدوا القائد يجلس في طهران، إنه رجل كبير ولكن أجمع عليه بقية الفقهاء بأنه هو القائد وهو ولي الأمر. هذا التعصب، وهذه الحواجز كانت مكسورة عند هذه الثلة، فهم قد طلبوا الحق بإنصاف. . طلبوا الحق بحرية. . طلبوا الحق بتجرد ووصلوا إليه. ولذلك فإن الخطوة الأولى كانت لقاء الإمام الخميني (ره) في سنة 1982، ومن هنا بدأت نطفة حزب الله وبداية حزب الله، وهي بداية شرعية ضمن الحق وضمن دائرة الحق. ولذلك أنا أعتقد أنّ الخطوة الأولى كانت خطوة البحث عن الحق. هنا أنقل رواية لأميرالمؤمنين عليه السلام، لأننا نتصور أن البحث مسألة ليستبصعبة، وخصوصا في هذا الزمان حيث الإنترنت وعالم التواصل الاجتماعي، بيد أن أمير المؤمنين في هذه الرواية الرائعة جداً، يقول: «لا يُعرف الحق إلا بالجد». التفتيش عن الحق يحتاج إلى جدية وإلى قرار ولا يحتاج إلى جهاز كومبيوتر. والوصول إلى الحق هو توفيق من الله، سواء كان الحق بعيداً أو قريبا، وسواء كان من عشيرتي ومن وطني أم لا. فقد أكون قريباً جداً كأبي لهب الذي كان عم النبي، ولكنه كان بعيداً جداً، بحيث نزلت سورة في القرآن تلعنه إلى يوم القيامة، وسلمان الفارسي الذي كان بعيداً أصبح من أهل البيت لأنه بحث عن الحق. فالبحث عن الحق يحتاج إلى جدية وقرار وإرادة وتصميم عند ذلك يصل الإنسان. 
هذه هي النقطة والخطوة الأولى. الخطوة الأخرى أو المرحلة الثانية هي معرفة الحق، فإنه عندما يبحث الإنسان بإنصاف يتوفق في الخطوة الثانية أو المرحلة الثانية لأن يعرف الحق. 
المقدم: وهنا يأتي الاشتباه عند الكثير 
سماحته: نعم يأتي الاشتباه، ولكن معرفة الحق معرفة تأتي بعد البحث، فلا يقول الإنسان: أنا أجلس والله يوفقني؛ لا، هذا غير كافٍ، أو يقول: أنا أجلس وأعرف الحق بالدعاء، فالدعاء مهم لكنه غير كافٍ. بل يجب على الإنسان أن يبحث عن الحق، حينئذ بالدعاء والتفتيش والإرادة يأتي التوفيق الإلهي لا محالة؛ ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾. إذن المرحلة الثانية هي أن يعرف الإنسان لكن بيقين وباطمئنان، وهنا أيضاً كثير منا وقعنا في هذا الفخ، فإننا وجدنا الحق في التأريخ واكتفينا به. فالكثير من الناس كمسلمين بل وكبشرية، كلٌّ يقول: أنا وجدت موسى هو الحق، أنا وجدت عيسى هو الحق، أنا وجدت النبي صلى الله عليه وآله هو الحق، أنا وجدت أمير المؤمنين هو الحق، أنا وجدت الإمام الحسين هو الحق، ثم بحثنا في كربلاء فاكتفينا بذلك وبقينا نتعامل مع الحسين بشعائر وعواطف وبكاء ورثاء ووو، ولكن أين الحق في زماني وأين الامتداد؟
المقدم: هذا يشبع حاجة نفسية عند الإنسان فقط ليس أكثر من ذلك. 
سماحته: ربما يسهّل الصعب على الإنسان، لأن البحث عن الحق ليس بالأمر السهل، بل «لا يعرف الحق إلا بالجهد»، وبعد معرفة الحق تزداد الصعوبة شيئاً فشيئاً، ولذلك في كثير من الأحيان، يلجأ الإنسان إلى التأريخ لكي يبتعد عن الصعوبات وليسهل عليه الأمر، وإن كان التأريخ هو حق، فعندما نقول موسى هو حق، وعيسى هو حق، ورسول الله هو حق، وأمير المؤمنين هو حق، والإمام الحسين والإمام الكاظم والإمام الهادي ووو هم حق، فهذا مما لا شك فيه، ولكن من الذي يمثل الحق في زماننا؟ هنا الكلام. إذن عندما نقول معرفة الحق، يجب أن نضع بين قوسين مهمين وهو الحق في هذا الزمان، فالخطوة الأولى تبدأ عن البحث عن الحق في زماني، وأن أجد الحق في زماني، ولذلك ورد في الدعاء: «اللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتباعه»، وهذا مهم جداً، طبعاً هنا تأتي قضية الخلط والاشتباه بين الحق والباطل. 

ارسال التعليق

You are replying to: .