۱۰ فروردین ۱۴۰۳ |۱۹ رمضان ۱۴۴۵ | Mar 29, 2024
سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد هاشم الحيدري

وكالة الحوزة ـ أجرى الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الثاني من الحلقة الثانية إلى الابتلاءات التي تعرض على أصحاب المعرفة من أهل الحق، والآثار المترتبة على اجتيازهم الاختبار بالنجاح ومنها الدخول في أهل النجاة.

أفادت وكالة أنباء الحوزة أن الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري أجرى سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الثاني من الحلقة الثانية إلى الابتلاءات التي تعرض على أصحاب المعرفة من أهل الحق، والآثار المترتبة على اجتيازهم الاختبار بالنجاح ومنها الدخول في أهل النجاة، وفيما يلي نص الحوار:
المقدم: سماحة السيد ذكرتم بأن تصنيف الخواص والعوام عند السيد القائد هي مسألة فكرية. ولكن ماذا عن الذي يعرف الحق، هل يقارن بسلوك أم أن هناك موضوع فكري؟
سماحة السيد: المرحلة الأولى هي مرحلة فكرية، وسميها الإدراك والمعرفة والإرادة، فإن هذه المسائل لحد الآن في القلب وفي الباطن وفي وجدان الإنسان، وهناك شيء آخر اسمه السلوك ولكن ما بعد المعرفة. هنا الآن نترك العوام ونأتي إلى خواص أهل الحق، فإنهم بأجمعهم معرفتهم جيدة؛ يعرفون الحق عن وعي وعن إدراك، وهم من طرف أهل الحق. هنا يأتي تقسيم ثانٍ لسماحة القائد يقول: القسم الأول هم الذين يتغلّبون في الصراع مع مغريات الدنيا والحياة. . تعلم أنّ الدنيا فيها الشهوات والشيطان والنفس الأمارة ومغريات الدنيا وبه ارجها. طيب، أنا عرفت أهل الحق، ولكن هناك مغريات، وهناك دولارات تُدفع لي، وهناك مناصب تُعرض علي، وهناك تهديد وترغيب؛ أنا عرفت أهل الحق، ولكن يوجد شيء آخر وأمر ثانٍ يتعلق بمرحلة السلوك والإقدام ونصرة الحق؛ أي أن أطابق سلوكي مع معرفتي. أنا الآن عرفت الحق، وهناك حالتان: إما أن أتغلب على شهواتي، والمعرفة تتغلب على هذه المغريات والتهديدات والشهوات، فأكون من أنصار الحق الناجين والسالكين مع الحق. أو الحالة الثانية حيث تأتي هذه المغريات وتتغلب علي. أنا عرفت الحق، ولكن يأتي الدولار والباوند واليورو، ويأتي التهديد أيضاً. هنا ينقسم أهل الحق وخواص أهل الحق بحسب تغلب الأهواء وعدم تغلب الأهواء، وهذا تقسيم مهم.
وربما  في تصوري أكثر البشرية هنا تقع، لأن الحق غالباً معروف، وأن الله يلقي الحجة، ﴿فَلِلَّهِ الْحُجَّة الْبَالِغَة﴾، نعم، تحتاج مسألة المعرفة إلى جهد جهيد وعمل، وبتعبير أمير المؤمنين (ع): «لا يعرف الحق إلا بالجد»، ولكن الامتحان غالباً ما يأتي بعد المعرفة، فإن أهل الكوفة عرفوا وكاتبوا الإمام الحسين (ع)، لأنهم هم الذين طلبوا، والذي يطلب لابد أن يعرف؛ يعرف أنه على حق، ويعرف أنه سبط رسول الله، ويعرف أنه المنجي، ويعرف أنه العادل، ويعرف أنه المنصف، ويعرف أنه هو المنقذ. ولكن ما أن جاء ابن زياد، وانتشر هذا الخبر العاجل في الفضائيات، وسادت الأجواء ما بين ترغيب وتهديد، ما هي إلا ساعات حتى لم يبق أحد إلا امرأة فتحت الباب، وهذه المرأة تغلّب عقلها ومعرفتها على هواها. فإن الإنسان في مثل هذه المواقف حتما ما يأتيه الشيطان كما جاء الشيطان في جبل أحد عندما قال لهم انزلوا إلى الغنائم، ﴿إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا﴾كما في سورة آل عمران.
وهذا الشيطان اسمّيه شيطاناً عسكرياً، فهناك شيطان سياسي، وهناك شيطان أخلاقي، وهناك شيطان غيبة ونظرة حرام، وهناك شيطان على مستوى الحرب؛ هذا هو عمل الشيطان. ولذلك خواص أهل الحق هنا يبتلون بهذا الابتلاء. هنا يقول السيد القائد المقصود من اللذة هي السمعة والجاه والأموال وما شابه ذلك، وكلها أمور حسنة، حيث يقول الله عزوجل: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ﴾، وكلها مظاهر الدنيا ولذلك يقول الله تعالى: ﴿مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أعطاها الله للإنسان، والقرآن حينما يصفها بأنها متاع الحياة الدنيا فلا يعني ذلك أنها قبيحة أبداً، فالمتاع جعله الله ليتمتع به الإنسان، - والكلام هذا كله لسماحة السيد القائد - ولكن إذا انغمس فيها، وخرج الإنسان من حالة التمتع بالحد المعقول إلى الانغماس في الشهوات إلى الحد الذي يعجز معه اجتنابها، فإذا استدعت التكاليف الصعبة تركها هنا يأتي الموقف. كما في الأحزاب حين قال النبي: من يبارز عمر بن ود العامري، لم يقم أحد.
طبعاً نحن وكأنما نجلس على كنبة وننتقد الأقوام السابقة، ولكننا نحن أيضا تواجهنا مواقف وقد نفشل في بعضها بحجة أننا نصلي ونلطم على الحسين، فعندما يأتي الموقف، هنا تأتي المغريات والمشتهيات والأهواء. ولذلك إذا استدعت التكاليف الصعبة من الإنسان ترك الملذات، وكان يستمتع فيها بالحد الذي يستطيع معه الكف عنا، فهو المطلوب.
الأولاد والزوجة والأموال والجاه والسمعة لا أشكال فيها، ولكن عندما يأتي نداء الحسين (ع)، يجب تركها. ولكن من بين كل الأمة العاطفة بحسينها، استطاع 72 فقد أن يقولوا لا ننغمس فيها؛ يعني أن يكونوا من أهل النجاة. هنا يمكن أن نستخلص بأن خواص أهل الحق ليس كلهم من أهل النجاة، بل أكثرهم من أهل الفشل، لأن المغريات تمسكهم وتأخذهم إلى الهاوية.
إذن هؤلاء طووا مرحلة عن دراية، وأصبحوا من خواص أهل الحق، ولكن وقعوا في فخ، ولذلك نجد القرآن دائما يتحدث عن المغريات وعن الأهواء وعن الشهوات لأنها فخٌ أخير وصعبٌ على الإنسان. فواحد يبتلى بأموال، وآخر بشكلٍ جميل، وآخر بصوتٍ جميل، وأخرى بـ . . . ؟ وبالتالي امتحان. . إنسان جميل، وامرأة جميلة، وصوت جميل، وغنى، وهذا هو الامتحان الذي يصعب اجتيازه وكثيرٌ من سقط في هذا الامتحان.
المقدم: سماحة السيد أريد أن أسأل عن النتيجة في كلتا الحالتين، يعني مصير المجتمع، سواء يعني في حالة الخواص إن كانوا من أهل النجاة أو لم يكونوا من أهل النجاة، لأن مصير المجتمع بطريقة أو بأخرى مرتبط بالخواص أكثر من ارتباطه بالعوام. ولكن أريد أن أسأل سؤال عن العوام، إن كان العوام بحسب تعريف السيد القائد هم لا يعرفون ولا يدركون ولايتصرفون عن معرفة، هل يطالهم الحساب أم لا؟طبعاً من الطرفين، يعني عوام أهل الحق وعوام أهل الباطل.
سماحة السيد: أحسنت، هنا السيد القائد يشير إلى هذا المطلب. بالنسبة للعوام، هناك فرق بين أن يكون عن تقصيرٍ أو عن قصور. يعني في بعض الأحيان على سبيل المثال، في غابة من غابات أفريقيا، أو جزيرة من جزر أستراليا في المحيط الكذائي؛ لا يوجد ستلايت ولا يوجد إنترنت وشبكات تواصل اجتماعي وواتساب وفيسبوك، يولد شخصٌ، ويبلغ عمره ١٥ سنة، ويصبح مكلفاً، ولابد له شرعاً أن يوالي الأنبياء والملائكة، وهو لم تصله الدعوة أصلاً، هنا يأتي الكلام، أن الحساب على قدر المعرفة، وهذه قاعدة، فإن الله سبحانه وتعالى يُحاسِب على قدر المعرفة. طبعاً هنا لدينا في مدرسة أهل البيت، بحث يسمى الحسن والقبح العقليّان، وهذا مسموع؛ يعني نحن في مدرسة أهل البيت نذهب إلى أن العقل حجة، ولذلك يُسمى العقل في بعض الروايات "النبوة الباطنة". يعني الآن مثلاً عائلة في جزيرة من جزر أستراليا، لا تعرف شيئاً من الدين أصلاً، ولكن عندما يأتي الأخ الكبير مثلاً، عمره ٢٠ سنة، ويضرب أخاه الصغير الذي عمره ٤ سنوات أو سنتين من دون سبب، يقوم والده ووالدته بتأنيبه، لماذا؟ لأن كل العقلاء يعتبرون هذا العمل خطأ، بل هو يشعر بتأنيب الضمير، لماذا؟ لأن هناك دافع، وهناك ضوء، وهنالك إشارة من العقل دائماً، وهناك شيء يقول هذا حسن وهذا قبيح، وإن الله يحاسب على هذا المستوى إذا لم تصل أية دعوة وأي نداء من السماء، فالحساب على قدر المعرفة. هناك إنسان وصلت إليه المعرفة وأدرك ووعى، وهناك إنسان لم يُدرك ولم يعي. طبعاً هؤلاء الذين لم يُدركوا قد يكونوا مقصرين، وكان بإمكانهم البحث، وقد يكونوا قاصرين، لم تتوافر لديهم سبل للبحث كما هذا الذي يعيش في الجزيرة. هنا يشير السيد القائد إلى نقطة، يُعبِّر عنها بحسن الحظ والتوفيق وعدم التوفيق، طبعاً في ضمن العدالة الإلهية، فعلى سبيل المثال شخص في زمن رسول الله يعيش في المدينة، ويأتي النبي وهو خير البشر ويقيم الحكومة بين يديه، وشخص يعيش بعيداً، فهناك فرقٌ بين هذا وذاك. ولكن بشكل عام، على الإنسان أن يكون طالب حق.
إذن حجة الله دائماً هي الحجة البالغة، وكل إنسان عنده شيء إمّا من الظاهر أو من الباطن، وهو عقله وفطرته، وعندنا روايات كثيرة تتحدث عن الفطرة، ﴿فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ حَنِیفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْهَا لَاتَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾، وكذلك العقل الذي هو النبوة الباطنة، وهو شيء لا يحتاج إلى دعوة وإلى رسول؛ هذا المقدار موجود عند الإنسان، وعليه أن يتبع هذا النداء، فإذا كابَر، يكون كالذي كابَرَ في كربلاء، وربمّا لافرق بين هذا وذاك؛ هذا بمستوى وذاك بمستوى، ولكن كلاهما كابر على الحق، ﴿وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ﴾، إذن هكذا قد يصل الإنسان.

 

ارسال التعليق

You are replying to: .