۳۱ فروردین ۱۴۰۳ |۱۰ شوال ۱۴۴۵ | Apr 19, 2024
إحياء الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك في العتبة الرضوية المقدسة

وكالة الحوزة/ كتب الخطيب الحسيني والأستاذ في الحوزة العلمية سماحة الشيخ عليرضا بناهيان سلسلة مباحث تحت عنوان أسرار الولاية تناول فيها أبعاد هذه المسألة وسلّط الضوء على خفايا وتفاصيل هذا المفهوم في المنظومة الفكرية الإسلامية.

وكالة أنباء الحوزة/ كتب الخطيب الحسيني والأستاذ في الحوزة العلمية سماحة الشيخ عليرضا بناهيان سلسلة مباحث تحت عنوان أسرار الولاية تناول فيها أبعاد هذه المسألة وسلّط الضوء على خفايا وتفاصيل هذا المفهوم في المنظومة الفكرية الإسلامية. وفيما يلي نقدم لكم الحلقة السابعة:

 

ضرورة السيطرة على القوى المتجاذبة

كما أشرنا سابقا، في خضم الحياة الاجتماعية للناس وفي ظل هذا النظام التسخيري تتكوّن قوى مختلفة. ولا يمكن القضاء على هذه القوى أساسا وإن أمكن فليس ذلك بمطلوب. إنّ عدم مطلوبية حذف القوى بسبب أن الحياة الاجتماعية لا تسير قُدُما بدون تنظيم وترتيب، إذن لابدّ من وجود هذه السلطات في سبيل إدارة المجتمع.

أما عدم إمكان حذف القوى فمردّه الفوارق الموجودة بين الناس، وهذا ما يؤدي إلى تسلط بعضهم على بعض. حتى الخوارج الذين رفعوا شعار «لا حكم إلا لله» وأعرضوا عن ولاية أميرالمؤمنين(ع) وادّعوا بأنهم لا يحتاجون إلى أمير، طرحوا في بداية الجلسة التي عقدوها قبل حرب نهروان موضوع تعيين القائد والأمير على أنفسهم.

فنظرا إلى عدم المناص من تبلور القوى في المجتمع وعدم إمكان حذفها فضلا عن كونه غير مطلوب، فلا بدّ من الرقابة والسيطرة عليها. وإلا فسوف يستولي طلاب السلطة على مواقع السلطة ما تؤدي سلطتهم إلى مشكلتين: المشكلة الأولى هي أنه قد يبدأ هؤلاء بالتعسف على الناس وعدم توفير مصالحهم كما قد لا يؤمّنون التنظيم المناسب في سبيل ازدهار حياة الناس وفي كلمة واحدة قد يظلمون الناس.

لعل بعض الناس قد استسلموا لهذه الظاهرة وقالوا: «لا مفرّ لنا من هذا الأمر، والواقع هو أن القدرة بيدهم». وإن كان هؤلاء قد رضوا بحماقة الابتعاد عن السياسة واستسلموا للظلم، ولكن لا ينبغي أن نغفل عن حقيقة أن المشكلة لن تقف إلى هذا الحدّ بلا ريب، إذ عندما تقع السلطة بيد طلاب السلطة وغير الصالحين، تنشأ مشكلة أخرى وهي ذهاب الناس ضحيةً عند تعارض القوى. يعني عندما يستولي على السلطة أحد طلّاب السلطة، يبدأ بظلم الناس ومضافا إلى ذلك، يضطرّ الناسَ إلى الحرب والقتال من أجله فيما إذا تنازع مع قوّة وسلطة أخرى. إذن لا يمكن أن نترك القوّة والسلطة سدى ولابدّ من حلّ ومخرج نجد لها.

 

لا بدّ من وجود سلطة مطلقة شاملة

ذكرنا لحدّ الآن أن الفوارق الموجودة بين الناس تُكوِّن مختلف القوى في المجتمع. وفي خضمّ تبلور هذه القوى قد يطغى البعض ويتعدّى على حقوق الآخرين. فانطلاقا من كون الإنسان مضطرا إلى الحياة الاجتماعية بلا مناص، ومن جانب آخر بما أنه لابدّ لهذا الإنسان أن يعيش حياة اجتماعية هادئة وسعيدة مع باقي الناس، إذن يتحتّم عليه أن يقف أمام بعض العوارض والتداعيات السلبية التي قد تترتب على تبلور مختلف القوى في المجتمع.

الخطوة الأولى التي يجب أن نخطوها في سبيل الوقوف حيال نشوء الظلم ومعالجة مشاكل المجتمع البشري بالرغم من وجود الفوارق بين الناس التي توفّر أرضية تبلور القوى المتعددة، هي وجود سلطة مركزية ذات ولاية مطلقة وواسعة على الجميع. طبعا لا دخل لنا حاليّا بالجهة التي تتصدى لاستلام زمام هذه السلطة المطلقة، بل إنما نحن الآن بصدد إثبات هذه الحقيقة وهي أن من أجل الوقوف أمام تفشّي الظلم والتعدّي في هذا النظام التسخيري، لابدّ من وجود قائد واحد قويّ، أو بعبارة أخرى سلطة مسيطرة مركزية واحدة.

إن طبيعة السلطة تقتضي أن تتصدّى قيادة مركزية واحدة لإدارة المجتمع البشري برّمته وتكون هي المسؤولة على مراقبة حركة الحياة. هذا ما تقتضيه طبيعة السلطة. فإذا اجتمعت القوى مع بعض كعناصر متناثرة فهذا ما يؤدي إلى فساد. إذ لا تستطيع جهة أن تضمن النظام في المجتمع.

ما هو الاستدلال الذي طرحه الأمريكان على إنشاء النظام العالمي الجديد؟ ما هي الأسس المعتمدة في تأسيس الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والمحكمة الدولية وباقي المؤسسات الدولية؟ لقد تمّ تأسيس جميعها على أساس يرغب فیه الإنسان من أجل تنظيم العالم. إذ عندما تكون هناك قوى متعددة في العالم، يصبح أكبر مصائب هذا العالم هو نزاع القوى فيما بينهم. وإذا أردنا أن نستقرئ قصة تاريخ الإنسان من أوله إلى آخره، نجد أن كل هذا التاريخ يدور حول محور الحرب بين القوى. إذن ضرورة وجود سلطة مركزية مطلقة مطاعة من قبل الجميع أمر لا ريب فيه.

فملخص الكلام هو أنه باعتبار وجود الظام التسخيري في حياة الإنسان والذي ينشأ من الفوارق الموجودة بين الناس، فلا بدّ من تسلط بعض الناس على غيرهم، وفي سبيل علاج النزاع بين القوى الذي هو من أهم عوامل مصائب الإنسان، فلا مناص من وجود سلطة مركزية أعلى من جميع هذه القوى لتقوم بتنظيمها. وبعبارة أخرى، إن من خصائص القوة والسلطة هي أنه لا يمكن تحقيق النظام والاستقرار في المجتمع مع وجود هذه القوى المتناثرة إلا أن تنتهي سلسلة جميع هذه القوى إلى سلطة مركزية مطلقة.

ارسال التعليق

You are replying to: .