۹ فروردین ۱۴۰۳ |۱۸ رمضان ۱۴۴۵ | Mar 28, 2024

وكالة أنباء الحوزة ـ « الشيخ حسين أحمد الخشن» : لا شك أن كل من يقف في وجه الاستكبار العالمي والاستبداد الداخلي ويرفض بيع قضية فلسطين من خلال صفقة القرن المطروحة ويعمل على مواجهة الفساد والمفسدين ومقارعة الظلم والظالمين لا شك أن هذا يسير على خط الحسين، وأما من يسير في الجبهة الأخرى فهو أقرب إلى الخط اليزيديّ.

قال «الشيخ حسين أحمد الخشن» مدير المعهد الشرعي الإسلامي في لبنان خلال حوار مع مراسلنا: لا شك أن مراسم إحياء الثورة الحسينية هي عنصر قوة كبير في أمتنا، وعلينا أن نحفظ هذه القوة ونستمر في التمسك بها، و من الضروري للخطاب العاشورائي أن يحرص على عدم أسر عاشوراء بالدمعة والبكاء، فإن الدمعة على أهميتها لا يمكن أن تكون غاية في نفسها، وإنما المطلوب أن تكون دمعة واعية ومغيّرة لحال الإنسان الباكي بأن تجعل منه إنسانا قويا لا ضعيفا، وأن تكون مدخلا لتغيير حقيقي في سلوك الإنسان.

وفیما یلي نص الحوار:

الحوزة: ما هي رسالة الإمام الحسين (ع) إلى المسلمين في هذا الزمن في ظل هذه الانقسامات المذهبية والفتن المشتعلة في العالم الإسلامي؟

إن رسالة الإمام الحسين (ع) إلى المسلمين جميعًا تتلخّص في أمرين:

أولا: أن يثوروا ضد الظلم، سواء أكان ظلمًا غربيّا استكباريًا كالذي تفعله الولايات المتحدة الأميركية في أكثر من بلد، أو كان ظلمًأ يحمل أصحابه عنوانًا إسلاميًا، كالظلم الذي تتعرض له بعض الشعوب المضطهدة كشعب اليمن وغيره، فالإمام الحسين (ع) يستصرخنا بأن لا نقرّ على الظلم ولا نركن إليه ولا نقبل الهوان ولا الذل، وأن نكون على استعداد للبذل والتضحية بأغلى ما نملك في هذا السبيل، عنيت به سبيل مقارعة الظالمين، قال (ع): إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما".

والرسالة الثانية التي نخال أنها لا تقل أهمية عن الرسالة الأولى، هي رسالة الإصلاح ومواجهة الفاسدين ونستلهم ذلك من قوله (ع): إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (ص). وعليه فإن معنى أن تكون مع الحسين هو أن تواجه الفساد والمفسدين ولو كان المفسدون يحملون اسم الإسلام، فالفساد هو آفة كبرى تهدد مجتمعاتنا من الداخل، وتفتك بها، والمجتمعات التي تعيش تهديدًا خطيرًا – كتهديد الفساد من داخلها – لن تستطيع مواجهة العدوان الخارجي والظلم الآتي من أعداء الأمة.

الحوزة: ما هي فلسفة و تاثیر محافل عزاء الامام الشهید علی الشیعة؟

لا شك ان مراسم إحياء الثورة الحسينية هي عنصر قوة كبير في أمتنا، وعلينا أن نحفظ هذه القوة ونستمر في التمسك بها، لكني أعتقد أن الاستثمار الصحيح لرسالة الإمام الحسين يتمثّل في اتباع الخطوات التالية:

الخطوة الأولى: الحرص على بيان القيم الأخلاقية والروحية التي جسدتها هذه النهضة من قبيل قيم الإيثار والبذل والعطاء دون حدود والتي جسدها الحسين (ع) وأصحابه، أو قيمة الالتزام بالمبادئ وعدم اللجوء إلى أساليب الخداع والتضليل وغيرها من الأساليب الملتوية والتي تجسدت في موقف مسلم بن عقيل وعزوفه عن قتل عبيد الله بن زياد في بيت هانئ بن عروة التزاما بمبدأ قاله النبي (ص) "الإيمانُ قيَّدَ الفتكَ"... إلى غير ذلك من قيم الصبر والشهادة والنبل التي جسدتها هذه النهضة.

الخطوة الثانية: التركيز على الحسين (ع) بوصفه مثلاً أعلى وقدوة، إن الحسين (ع) هو إمام قام أو قعد، كما قال جده المصطفى (ص)، والإمام هو من يؤتم به ويتبع، وهو صمام أمان في الأمة، وليس شخصية مذهبية أو عنصر توتر بين المسلمين.

الخطوة الثالثة: الابتعاد عن كل الكلمات التي تثير الفتنة وعن كل الطقوس التي تؤدي إلى تشويه النهضة الحسينية وخط أهل البيت (ع) وتوجب نفور الآخرين.

كما أن من الضروري للخطاب العاشورائي أن يحرص على عدم أسر عاشوراء بالدمعة والبكاء، فإن الدمعة على أهميتها لا يمكن أن تكون غاية في نفسها، وإنما المطلوب أن تكون دمعة واعية ومغيّرة لحال الإنسان الباكي بأن تجعل منه إنسانا قويا لا ضعيفا، وأن تكون مدخلا لتغيير حقيقي في سلوك الإنسان. إن نجاحنا هو بمقدار إيصالنا للحسين رسالة وهديا إلى الآخرين وفتح قلوبهم على مدرسة أهل البيت (ع)، وهذا هو هدف الإحياءات العاشورائية، إن هدفها باختصار يتمثّل في قول الأئمة (ع)"حببونا إلى الناس".

الحوزة: ما هو مصداق «الشمر» في هذا الزمان؟ ولو نرید متابعة مسار الإمام ماذا یجب علینا أن نفعل؟

إن درس كربلاء يُعلمنا أن هناك خطين: خط الحق الذي مثله الحسين (ع) في ذاك الزمن، وخط الباطل والانحراف والذي مثله يزيد وابن زياد وعمر بن سعد والشمر وغيرهم، ولهذا يجدر بنا ونحن نُحيي ذكرى الحسين أن نتطلع إلى من يُمثل الحسين في هذه المرحلة ومن يُمثل يزيد أيضًا، لا شك أن كل من يقف في وجه الاستكبار العالمي والاستبداد الداخلي ويرفض بيع قضية فلسطين من خلال صفقة القرن المطروحة ويعمل على مواجهة الفساد والمفسدين ومقارعة الظلم والظالمين لا شك أن هذا يسير على خط الحسين، وأما من يسير في الجبهة الأخرى فهو أقرب إلى الخط اليزيديّ.

الحوزة: کیف تقیّم دعم بعض الحکومات الغربیة كبریطانیا و أمریکا للتيار الموسوم بالشیعي في لندن الذی یبث التفرقة؟ ما الفرق بین هذا التیار المنحرف و التشيع الحقيقي؟

إننا نعتقد أن هذا الخط الذي يتجلبب بعباءة التشيع ومظلومية أهل البيت (ع) والذي تحميه قوى الاستكبار العالمي وتؤمِّن له منصات إعلامية كبيرة هو خط مشبوه، وإن كان ينخرط فيه بعض الأفراد المُغرّر بهم، وبالإضافة إلى ذلك فإنه ومن خلال استخدامه لمنطق التكفير للآخر والإصرار على لعن وسب وشتم رموز من صحابة النبي (ص) ممن لهم احترام عند شريحة كبيرة من المسلمين، فإنه بذلك يسير عكس تعاليم أهل البيت (ع) التي دعت إلى إدارة الخلافات الإسلامية الإسلامية بالحوار والحكمة والكلمة الطيبة، لقد كان إمامنا الصادق (ع) يدعو أصحابه فيقول: صلوا في مساجدهم (أي مساجد المسلمين الآخرين) وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم. في دعوة تنم عن حرص شديد على حفظ وحدة الأمة وتماسكها، وما أحرانا هذا اليوم لهذه الوحدة والتماسك في ظل عمل دؤوب تقوده الاستخبارات العالمية لتمزيق المسلمين مِزَقاً مزقاً ليكونوا أمة متناحرة متقاتلة.

ولهذا فإننا نلفت أنظار المسلمين الشيعة من محبي أهل البيت (ع) بأن لا يغترّوا بالعناوين البرّاقة التي يحملها أصحاب هذا الخط وحرصهم المزعوم على الانتصار لأهل البيت من ظالميهم، فإن الانتصار الأعظم لأهل البيت يكون في نشر تعاليمهم ونقل فكرهم النيّر إلى العالم الذي هو أحوج ما يكون اليوم إلى مثل هذا الفكر، ولا يكون الانتصار لهم (ع) بإيجاد فتنة بين المسلمين لا تُبقي ولا تذر.

الحوزة: هل لمنهج الامام الحسین عليه السلام تاثیر علی حرکات المقاومة الاسلامية في المنطقة؟

لا شك أن درس عاشوراء هو العنصر القوي في البناء الروحي والمعنوي لشباب المقاومة والحركات الإسلامية المناهضة للظلم والعدوان، وإننا نعتقد أن أكثر الناس التصاقا بالحسين هم هؤلاء المقاومون الذين يعيشون العلاقة مع الحسين عملاً وجهادًا في جبهات الحق ضد الباطل والذين يُحيون ذكرى الحسين من خلال سهرهم في الخطوط الأمامية في مواجهة التيار الداعشي التكفيري الذي يسعى إلى محو اسم الحسين من وجدان المسلمين، إن إحياء ذكرى الحسين عند هؤلاء الشباب لا يكون بمجرد أعمال يؤدونها، وإنما من خلال بذلٍ حقيقيّ وجهد فعّال في سبيل تحقيق الأهداف الكبرى لنهضة أبي عبد الله الحسين (ع).

ارسال التعليق

You are replying to: .