۲۸ فروردین ۱۴۰۳ |۷ شوال ۱۴۴۵ | Apr 16, 2024
القرآن الكريم

وكالة الحوزة _ ثمة سؤال يطرح: كيف يمكن الجمع بين أن الإحاطة بجميع عوالم الغيب هو مختص بالله تعالى وبين علم البعض بالمغيبات؟ وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني.

وكالة أنباء الحوزة _ ثمة سؤال يطرح: كيف يمكن الجمع بين أن الإحاطة بجميع عوالم الغيب هو مختص بالله تعالى وبين علم البعض بالمغيبات؟ وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني.

السؤال: نقرأ في الآية الأخيرة من سورة لقمان أنّ الله يختص بالغيب لنفسه، بينما نجد أنّ البعض يخبر ببعض المغيبات ويأتي أخباره صحيحاً فكيف نوفق بين الحالتين؟ (يشير السؤال في الآية المعنية من سورة لقمان إلى قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ))(لقمان (31): 34).

الجواب: إنّ الإحاطة الكلّية بجميع عوالم الوجود وتمام مراتب الغيب والشهادة هي من الأمور المختصة بذات الله سبحانه الذي لا شريك له ولا نظير. فهو سبحانه خالق كلّ شيء المحيط المدبّر الذي يكون علمه عين ذاته.

أمّا علم سائر المخلوقات الأخرى نسبة لعوالم الغيب فهو على درجات، إذ الذي نستفيده من الروايات الكثيرة أنّ بعض مراتب الغيب هي من مختصات الباري تعالى، ولا يستطيع كائن أن يطلع عليه سواء أكان ملكاً مقرّباً أو نبيّاً مرسلاً، وربّما كان من مراتب العلم الخاص بالله هو الإطلاع على حقيقة وكنه الذات الإلهية المطلقة.
أمّا من دون تلك المرتبة فإنّ الله جعل لكلّ من الأنبياء والأئمّة عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه قدراً على عالم الغيب يكون تبعاً لما تقتضيه مشيئته تعالى. وهذا الإطلاع يكون مصدره الوحي أو الإلهام.

أمّا الذي نقرأه من الآيات والروايات التي تنفي علم الغيب عمّا سوى الله، فإنّ المراد من العلم الذي تنفيه هو العلم الذاتي، بمعنى أنّ العلم الذاتي بعوالم الغيب يكون مختصّاً بالله دون غيره، وأنّ الأنبياء والأئمّة ليس لديهم علم ذاتي من عند أنفسهم، وإنّما كلّ ما يعلمونه ويعرفونه هو بتعليمه سبحانه وتعالى لهم.

يقول صاحب (الغدير) في ذلك: ((إنّ علم هؤلاء كلّهم يبلغ محدود لا محالة كمّاً وكيفيّاً، وعارض ليس بذاتي، ومسبوق بعدمه ليس بأزلي، وله بدء ونهاية ليس بسرمدي، ومأخوذٌ من الله سبحانه وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلاّ هو))(الغدير 5: 53).

وليس ثمّة شكّ أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة(عليهم السلام) يحيط كلّ واحد منهم ببعض عوالم الغيب التي تحدّثنا عنها كتب الأخبار والأحاديث بكثرة، ولكن كلّ علومهم هذه هي ممّا أفاضه الله سبحانه عليهم.

أمّا في ما يتعلّق بما يجعل من إخبار الآخرين ببعض المغيّبات كما يحصل لأصحاب علم الفراسة الذين يخبرون عن بعض الحوادث من خلال استكشافاتهم النجومية، وما يقوم به أصحاب الرمل والجفر وأهل الرياضات الخاصّة، ومن يقوم بتسخير الجنّ، فإنّ كلّ ما يخبر به هؤلاء من مغيّبات وحوادث مستقبلية فيمكن مناقشته من خلال النقاط التالية:

أوّلاً: ينبغي أن نعرف بأنّ جميع هذه الأصناف لا تملك طريقاً لما وراء الطبيعة، إنّ إطلاعهم وأخبارهم بالحوادث لا يعدو أن يكون إطلاعاً محدوداً في أمورٍ جزئيّة لا تتعدّاها، وبالتالي فانّه لا يشكل سوى أقلّ القليل من أمور هذا العالم.

ثانياً: إنّ معلومات هؤلاء ناقصة، ولا تأتي على سبيل العلم والجزم، ولذلك فإنّ ما يخبرون به لا يعتد به عقلاً. فإذا حصل مثلاً من تجربة ا لطبيب واستمراره في المداواة، وأخبر باحتمالات المستقبل من خلال لمس النبض ومراقبته، فإنّه سيكون أدعى للتصديق والقبول ممّا تخبر به تلك الأصناف بوصفه غيباً أو عدماً بالمستقبل، بل نستطيع أن نضيف أنّ هؤلاء أنفسهم لا يعتمدون على معارفهم لعلمهم بافتقارها إلى المباني الصحيحة.

أمّا ما يقال في علم الفراسة، فهو يدخل في باب الظنّ والمظنونات، وما يقال عن علوم النجوم والجفر والرمل، فإنّ ما موجود منها بأيدي الناس هو علوم وصلت ناقصة، لذلك نجد أكثر أصحابها يخطئون وقلّما يصيبون.

وبالنسبة لتسخير الجنّ، فقد ثبت في البحوث المختصة أنّ معلومات هؤلاء محدودة جدّاً.

نعم، يمكن لهذه الأصناف أن تعرف من خلال معلوماتها الجزئية ومعارفها الناقصة، مقتضيات بعض الحوادث الجزئية، فتخبر بها. ولكن افتقادها للعلم الشامل بالموضوع أو الحادثة، وعدم معرفتها بالموانع يقودها في الأغلب إلى الكذب، حيث يظهر كذبها صريحاً بين ما أخبرت عنه، وبين ما هو واقع بالفعل.

لذلك نهى الإسلام شرعاً من العودة إلى هؤلاء والاعتماد على أقوالهم وأخبارهم، ونهى أيضاً عن ترتيب أي أثر على أقوالهم وأخبارهم، وفي المقابل فقد حثّ الإسلام على مبدأ التوكّل على الله في كلّ الأمور، وحثّ على السعي والعمل مع تأكيده خصوصاً على الصدقة والدعاء.

والذي نستخلصه من الحديث السابق، أنّ العالم الوحيد بجميع العوالم ذاتاً، هو الله سبحانه وحده، من دون أن يكون لغيره منزلة أو مقام في العلم الذاتي.

أمّا العلوم الغيبية للأنبياء والأئمّة(عليهم صلوات الله) فهي نوع من الموهبة والإفاضة والتعليم من قبل الله تعالى.

أمّا ما ينسب للطوائف والأصناف الأخرى وما يصدر منها، فهو لا يعدّ علماً جزميّاً، وإذا حصل وتطابقت بعض أخبارهم مع بعض الأمور والحوادث فإنّ ذلك يعد من باب التصادف. ومن المسلّم أنّ كذب هؤلاء أكثر من صدقهم. مضافاً لما مرّ من أنّ علم هؤلاء هو ليس من نوع العلم بالغيب، وإنّما هو من نوع الظنّ أو الوهم، فإنّ أخبارهم التي تستند إلى الأسباب الظاهرية (إنّ العلم بدون أسباب هو ممّا يختص بالله سبحانه وهو أيضاً ممّا يفيض به على أنبياءه والأئمّة(عليهم السلام)) ليست من نوع الأخبار التحقيقية والتفصيلية. بمعنى إذا قدّر لأحد هؤلاء مثلاً أن يخبر عن موت زيد، فإنّ علمه بذلك علمٌ إجمالي، من دون أن يكون بمقدوره أن يعرف ويحيط بالخصوصيات من أمثال معرفته باللحظة الأخيرة من عمر زيد وغير ذلك!

إنّ العلم المطلق بجميع الحوادث مع كافّة خصوصياتها لا يكون لأحدٍ سوى الله، إنّما الغيب لله ولا حول ولا قوة إلّا بالله.

ارسال التعليق

You are replying to: .