۹ فروردین ۱۴۰۳ |۱۸ رمضان ۱۴۴۵ | Mar 28, 2024
الشيخ شفيق جرادي

وكالة الحوزة - كتب الباحث الإسلامي اللبناني سماحة الشيخ شفيق جرادي مقالا تحت عنوان " الانهمام الثقافيّ.. ومشروع بناء حضارة الوعي عند الإمام الخامنئي"، وتطرق فيه إلى تعريف الثقافة، ثم تحدث عن الخطوات التي قام بها الإمام الخامنئي في الحقلين الفكريّ والفنيّ.

وكالة أنباء الحوزة - كتب الباحث الإسلامي اللبناني سماحة الشيخ شفيق جرادي مقالا تحت عنوان " الانهمام الثقافيّ.. ومشروع بناء حضارة الوعي عند الإمام الخامنئي"، وتطرق فيه إلى تعريف الثقافة، ثم تحدث عن الخطوات التي قام بها الإمام الخامنئي في الحقلين الفكريّ والفنيّ. وفيما يلي الحلقة الثانية من المقال: 

من المعلوم حسب نهج الإمام الخميني (قده)، أنّ أصل النجاح والنصر المؤسِّس للاستقلال والحريّة والازدهار إنّما يكمن في خروج الإنسان من التبعيّة والانسياق خلف الغير إلى رحاب الثقة بالله وبالذات، بحيث يستطيع أن يبني هويّته الخاصّة الرساليّة والثقافيّة، وأن يبني من هذه الثقة بهذه الهويّة، هويّته الحضاريّة الناشئة.

كما أنّ من مصبِّ القلق، ما يتّجه نحو الدور المطلوب من هاتين الجبهتين الثقافيتين (الفكريّة والفنيّة)، وهو الدور الرياديّ الذي يحقّق إنجازات على صعيد اهتماماتهما الثقافيّة وتكتيل العناصر والكوادر المفيدة والمبتكرة ممّن يتوفّرون على العمق والأصالة والجاذبيّة.

وهنا يُعلن الإمام الخامنئي بصراحة "أنّ سنان الثورة الفكريّ والفنيّ كان الأبطأ من بين جميع أسلحة الثورة وأدواتها الأخرى".

وهو بهذا الإعلان لا يريد إحداث إحباط، بل إحداث صدمة طاقة في جسم الحقلين الفكريّ والفنيّ. لذا، فإنّه قام بالخطوات التالية:

  1. إلقاء مسؤوليّة الاستنهاض الثقافيّ على المشتغلين في هذا المجال "لا يوجد لدينا اقتراح عمليّ ولا تتوقّعوا منّي أن أجلس لأقدّمه لكم، أنتم من يجب عليه تقديم الاقتراح العمليّ والعمل به". وإيلاؤهم هذه المسؤوليّة من باب القناعة لدى القائد والثقة بقدرات هؤلاء الناس على تحقيق الإنجازات، وهذه الثقة هي التي تصنع المعجزات، لذا يقول الإمام الخامنئي:

انطلاقًا من هذا الإحساس حولكم (فإنّي أرغب) أن أجعل تلك القلادة المعنويّة، أي ذاك التكليف الذي يقع على عاتقكم أكثر ثقلًا واستحكامًا. هذا هو تكليفي، وهذا هو معنى التكليف من الأساس؛ هو المشقّة التي يحملها الإنسان على عاتقه. إنّ الله تعالى هو أكبر مكلِّف، والإنسان أفضل مُكلَّف [...] اليوم وباعتباري عبدًا لله أريد أن أجعل تكليفكم ثقيلًا.

الثقافة رسالة حيّة وحراك جهاديّ، وليس ترفًا ذهنيًّا، أو تراكم معلومات بلا مضمووأثرٍ. إنّها تكليف مصدره الله، وهدفه إحياء الإنسان بالحياة الإلهيّة، والمكلَّف بذلك هم أفراد أو جماعات من الناس.

لذا، من أراد العمل الثقافيّ فعليه أن يتّقي ربّه، ومن يتّقِ الله يعلّمه الله.

وهل من مخزون ونتاج فكريّ أو فنيّ إبداعيّ أرقى من ذاك الفائض من ملمح الغيب والفيض والعطاء؟

  1. تبيين أسباب التردّي في تحقيق الإنجازات الثقافيّة، وهي تنبع من جملة أمور، منها:

الأمر الأوّل: المعرفة الدقيقة بمزاج من ينبغي التأثير فيه، وما هي الأمور المؤثّرة في تلك الحالة "لو فرضنا أنّنا لم نتمكّن في وقت من الأوقات من جذب روح حسّاسة فليس السبب أنّنا نتحدّث بشكل سيء أو خاطئ، بل السبب أنّنا لم ندرك الحالة الخاصّة والمستوى المناسب لجذب تلك الروح الحسّاسة".

الأمر الثاني: أنّ الإسلام ليس مجرّد صيغ اجتماعيّة وسياسيّة، بل هو التزام عقائديّ وشرعيّ عميق. لذا، فقد نجد من يتناسب مع الطروحات الثوريّة والسياسيّة إلّا أنّه يرفض الالتزام الشرعيّ والعقائديّ، وهذا ما يسبّب عدم انضمام الكثيرين إلى الجبهة الإسلاميّة الثقافيّة، الفكريّة أو الفنيّة، الخاصّة.

 إنّ الإسلام له خصوصيته، فهو لا يكتفي بالمسؤوليات الاجتماعيّة، بل يتحدّث أيضًا عن المسؤوليات الفرديّة. فمن جملة القيم الإسلاميّة أن لا يكون الشخص من أهل الفحشاء [...] هذه القيم موجودة، فهل يمكن حينئذٍ لذلك الفنان الذي هو إنسان صحيح ونبيل جيد، لكنه من أهل هذه المنكرات أن يرافق هذا النظام؟ بالطبع لا يقدر، إلّا أن يكون هناك تجاوز حسنًا لا ينال الجميع مثل هذا التجاوز.

الأمر الثالث: من الأسباب قلّة اهتمام المسؤولين من أصحاب النفوذ والاقتدار بالمشاريع والمؤسّسات والإنجازات الفكريّة والفنيّة والإبداعيّة.

الأمر الرابع: الاهتمام بأصحاب الشهرة، والتغافل  عن "البراعم المنفتحة حديثًا".

الأمر الخامس: "الانهزام النفسيّ في عناصر جبهتنا أمام الشخصيات الموجودة في جبهة الأعداء"؛ وهو ناتج عن عدم المعرفة بهم، والتأثّر بالأجواء الإعلانيّة والإعلاميّة المواكبة لهم، كما أنّه ناتج عن اختلال في معايير التقييم، فكم من فنان أو مفكّر يتحدّث عن الإنسانيّة والقيم والأخلاق، وهو خالٍ من كلّ تلك المعاني والقيم. لذا، فلو عرف الواحد منا أنّ الأصالة هي في عمق البعد الإنسانيّ والثبات على الحق، لعلم أنّ هذا الأصل بإمكانه أن يوفّر لنا شخصيات مبدعة فريدة بتوازنها ونتاجها.

الأمر السادس: وجود أجهزة تحكّم أمنيّة وسياسيّة تحرِّك الحقول والمؤسّسات والشخصيات الثقافيّة، والفكريّة، والفنيّة، وهي أجهزة معادية للرسالة والمشروع الإسلاميّ والثوريّ "يكفي أن يقوم الغربيون بمدح فنان موجود في إيران لنشاهد الشاب ينجذب إليه مباشرة[...]".

"هكذا جماعة تتمّ إدارتها بواسطة أيادٍ أمنيّة – سياسيّة طبقًا لفكر معدٍّ ومنظّم مسبقًا ليكونوا معادين للجمهوريّة الإسلاميّة، حيث إنّهم يدركون تأثير الثقافة الإسلاميّة، ويلمسون التأثير الثقافيّ على المجتمع".

الأمر السابع: التشكيك بكلّ وسيلة وطريقة بأصول ومرتكزات وشخصيات الثورة والإسلام.

الأمر الثامن: الاستفادة من بعض المشاكل والنزاعات الحزبيّة في الجمهوريّة، وتصويرها وكأنّها ناتجة عن أصل الثورة وطبيعة الالتزام الإسلاميّ.

الأمر التاسع: تأمين الجبهات المعادية، الزينة الدنيويّة لأهل الثقافة والفكر والفن، سواءً عبر المال أو الشهرة أو المتعة واللذة.

الأمر العاشر: الترويح لثقافة النقد السلبيّ والتشكيك بكلّ شيء، بحيث تصبح هويّة المثقّف صنو النقد للنقد، وهذا ما يتمّ توظيفه للتشكيك بالإنجازات والمرتكزات والأصول.

 

ارسال التعليق

You are replying to: .